روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | أمان طفولتي تغتاله أمي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > أمان طفولتي تغتاله أمي


  أمان طفولتي تغتاله أمي
     عدد مرات المشاهدة: 2916        عدد مرات الإرسال: 0

ألقت إليها بالطبق غاضبة:

- إنه قذر مثلك أيتها القذرة..

انحنت الخادمة وحملته ذليلة بين يديها..لم تقل شيئا..ولكنني عرفت أن لديها الكثير لتقوله يوم غد..

إستيقظت في الفجر مرعوبا..بللت فراشي..ركضت إلى أمي بملابسي المبللة:

- أمي..بللت نفسي..

كانت تمسك قلم الشفاه..ركز ت نظرها في المرآة كي تتقن الرسم..وبصعوبة أخرجت الكلمات من فمها دون أن تنظر إلي:

- ألا تراني مشغولة الآن..اذهب إلى الخادمة كي تبدل ثيابك..

- ولكنها ستضربني..

ألقت بالقلم متأففة:

- لا تبالغ..أنا مشغولة الآن..لنتحدث فيما بعد..

حملت حقيبتها..وأدارت ظهرها لي..ثم ذهبت إلى المدرسة..

لا مجال لإضاعة الوقت..هربت إلى فراشي..دسست جسدي المبلل تحت لحافي..كنت أرتجف..ينفضني البرد..والخوف معا..أغمضت عيني..وإستسلمت للنوم..

وووووي!!كيف انتشلتني من فراشي!!!شيء إعتدته.. ألقت بي إلى الأرض غاضبة...تماما كما ألقت إليها والدتي الطبق البارحة..

ركلتني بقدمها..صاحت متذمرة بكلماتها المتكسرة:

- كل يوم أنت هكذا..تبلل ملابسك..كل يوم..كل يوم..أففف..قم إلى الحمام بسرعة..

حاولت أن أركض مستجيبا لأوامرها قبل أن تسحبني من شعري..ولكنني للأسف لم أكن سريعا بما فيه الكفاية فأسبقها..

جردتني من ثيابي..أي يا أذني..

شتائمها التي تتوالى على مسامعي ليست غريبة علي..إنها ذاتها تلك التي تقذفها والدتي في وجهها كل يوم..

فتحت الماء..صوبته إلى صدري..اندفع بقوته ليهز جسدي..صرخت..إضطرب تنفسي..إنه بارد..بارد جدا..علا صوتها على صوتي..

- أحسن..أحسن..تستحق ذلك..

أغلقت الصنبور..فهذا أخي الأصغر يبكي في الغرفة المجاورة، تركتني وذهبت مزمجرة إليه..

إزداد بكاؤه..لا حاجة للتخمين..إنها تضربه..

أححح..البرد يلسع جسدي..رفعت قدمي الصغيرة لأخرج من البانيو..وقعت على وجهي..بكيت من الألم..تذكرتها..ستأتي لتضربني..كتمت بكائي..وإنهمرت دموعي..ركضت عاريا إلى خزانة ملابسي أبحث عن منشفتي و............

سقطت الملابس كلها عندما سحبت المنشفة..

ولم أسلم من الضرب..

كم هو ممل سرد تفاصيل تحمل النهاية ذاتها..

وكم هو مؤلم هذا الشيء الممل عندما تكون هذه النهاية قاسية تحمل طابع الإرهاب والعنف والضرب..

هل إستطعت الدفاع عن أخي الذي لا يملك من الدنيا سوى سبعة أشهر؟

هل إستطعت حمايته من الضرب..لا لشيء أذنبه سوى أنه يبكي عندما يجوع..ويبكي عندما يبلل نفسه..ويبكي عندما يكون مريضا؟

هل إستطعت أن أحمي نفسي منها قبل أن أحمي أخي؟

هل إستطعت أن أكون قويا بحيث أصمد في وجهها؟

للأسف قد أبدو جبانا..ولكنها الحقيقة..وأنا أكره هذه الحقيقة..

عادت والدتي من المدرسة..أحمل في صدري الكثير من التعابير المؤلمة..إمتلأت عيناي بالدموع..تمسكت بها:

- أمي..الخادمة تضربنا..واليوم ضربتنا كثيرا..

تنهدت هي بصوت ينم عن الإرهاق والضجر:

- أنا متعبة ألا تفهم ذلك..لو لم تخطيء لما ضربتك..أنت طفل مشاغب..ولو كنت مكانها لفعلت بك أكثر مما تفعله هي..إبتعد عني الآن..

نشرة الأخبار..مئات القتلى..آلاف المشردين..ملايين الأيتام..

تصرخ أمي في الخادمة:

- أحضري القهوة بسرعة يا.....

توسلت إليها بنظراتي:

- أمي..أرجوك..كفى..

صرخت:

- اخرس..لا شأن لك بها..

أطرقت برأسي..إنه شأني أنا وأخي أكثر من أي شخص آخر..

هز أبي كتفه متهكما..

- أصبح هناك من يدافع عن الخادمة هنا..

أردفت والدتي:

- لو رأيته اليوم يشكوها إلي..وكأنه يكرهها وها هو يدافع عنها معلنا بذلك حبه الشديد لها..

انتفضت أود أن أتحدث..ها هما يفتحان الموضوع:

- أنها تضربني..وأخي..لأنكما تقسوان عليها..إنها ترميني تماما كما رميت الطبق في وجهها البارحة..أنا أخااا...ف منها..

وأجهشت بالبكاء رغما عني..

تغيرت نبرة والدي:

- لا أظنه يكذب..أرى من الأنسب أن تتركي وظيفتك من أجل صغارك..

شع الأمل في عيني..سيقنعها بالبقاء معنا بدلا من تلك المجرمة..

ولكنها غضبت واحتجت:

- كيف أتركها..راتبك بالكاد يكفيك..فهل يكفينا..نريد أن نعيش كبقية الخلق..

صمت الجميع..مناظر الأيتام تتوالى في التلفاز..تغير الموضوع..تغيرت نبرة أمي:

انظر لهؤلاء المساكين كم يتألمون..الحمد لله على نعمة الأمن..

تمتم أبي:

- الحمد لله..الحمد لله..

ثم التفت إلي:

- قل الحمد لله يا ولد..

هززت رأسي:

- الحد لله..الحمد لله..

هل أختلف كثيرا عن هؤلاء الأيتام؟

الكاتب: هناء الحمراني.

المصدر: موقع رسالة المرأة.